السيوف السودانية ثقافة و تاريخ
سيوف كاسكارا: الكشف عن شفرات السودان التاريخية وبراعة ساحة المعركة
سيف كاسكارا هو سيف أفريقي غالبًا ما يُخطئ في اعتباره نصلًا أوروبيًا، ويرجع ذلك أساسًا إلى الحماية المتقاطعة مع اللسان الأصغر الذي غالبًا ما يربطه الناس بفرسان الهيكل. وتتميز بخصائص فريدة مستوحاة من السيوف الأوروبية في العصور الوسطى والسيوف العربية الشرقية.
يمكن تقسيم سيوف الكسكارا السودانية الأفريقية إلى ثلاث فئات، تشترك جميعها في نفس ميزات المقبض والغمد، مع الاختلاف الرئيسي هو القصار على الشفرات. مصطلحات هذه السيوف باللغة السودانية حيث قاموا بتقسيمها إلى هذه المجموعات بناءً على نوع الفولاذ المستورد وعدد القصار الذي يحتوي عليه.
سيوف كاسكارا الأفريقية هي أسلحة بيد واحدة تستخدم في المقام الأول للاختراق والتقطيع والقطع. بعض الاستدقاق تدريجيًا من منتصف النصل للأمام ويمكن استخدامه أيضًا للدفع. عادةً ما يتم استخدام الكسكارا جنبًا إلى جنب مع درع أو من موضع مثبت.
في فترة ما بعد مروي (القرن الرابع الميلادي – القرن السادس الميلادي) عثر على عدد من الخناجر المنحنية والمحدبة الشكل والحادة من الاتجاهين، وتستخدم كسلاح للقتال والدفاع عن النفس منها خنجر من الحديد يتراوح طوله بين 20 سم وعرضه 4 سم وسمكه 5 ملم، عثر عليه بموقع في شمال السودان، ومن الملاحظ أن هذا الخنجر وجد بدون يد فهي في الغالب تكون صنعت من الخشب وتحللت مادتها بفعل الطبيعة.
في فترة دولة الفونج أي الفترة الإسلامية (1504م – 1820 م) تم العثور على عدد من السيوف من أهمها سيف الوزير ناصر وهو أحد أبناء زعيم طائفة الهمج الشيخ محمد أبو الكليلك، ملك الهمج (1762م – 1769م) خلال سلطنة الفونج، وله دور كبير في الحياة السياسية في دولة الفونج بحيث ارتبط اسمه بهذه الدولة إلى حد كبير. فقد أرسل لمحاربة الخارجين على دولة الفونج في عهد الملك عدلان في إقليم الجزيرة فتمكن من تحقيق النصر عليهم عام (1198 ه – 1784م).
صناعة السيف السودانى
السيف السوداني يصنع من الحديد الصلب، ويضاف إليه بعض المعالجات الفنية ثم يقطع الحديد ويحمى بنار الفحم النباتي المخلوط بالحجري ثم يطرق لفرده ويعمل به المجرى في النصف، ثم بعد ذلك يحد من جانبيه ويبرد بالمبرد ليصبح حادا، ثم بعد هذه المرحلة يحمى في النار مرة أخرى ويغمس في ماء ثم زيت ليكتسب الصلابة ثم يجلى ويلمع، وبعد ذلك يؤخذ إلى قسم الزينة لتزيينه وتزيين الغمد ليصبح بعدها جاهزا”.
ثقافة السيف فى السودان
في السودان ارتبط السيف بالرقص الشعبي لدى عدد من المجموعات التي تقطن شرق السودان منها كل المجموعات التي تنتمي إلى جماعة البجا، والمجموعات بمنطقة البطانة، وهذه الأخيرة استخدمت السيف فيما يعرف برقصة «العَرْضَة» التي تؤدى بشكل جماعي بمصاحبة إيقاع طبل النحاس.
كذلك من أشهر الرقصات في شرق السودان عند جماعة البجا ما يعرف برقصة السيف، ونلاحظ أن هذه الرقصة أخذت اسم السيف لأنه يلعب فيها دوراً أساسياً، وهي تؤدى بواسطة الرجال، حيث نجدهم دائماً ما يتبارون في هذه الرقصة ليبرزوا مقدراتهم في استعمال السيف ومدى مهارتهم في استخدامه في الفنون القتالية المختلفة، وتعتمد هذه الرقصة بشكل أساسي على القفز، حيث نجد أن الرجل يقفذ وهو يحمل السيف إلى أعلى مستوى، كما يقوم بعمل إيماءات حركية أثناء الرقص يوضح من خلالها مدى مهاراته في استخدامه للسيف كأداة للفروسية، كأن يحمل السيف بيده ويحركه حركة دائرية أثناء الرقص، أو أن يمسك به بواسطة فمه وهو يرقص.
أنواع السيوف السودانية
سيف سليماني كسكارا (السيف السليمانى)
تحتوي شفرات الكسكارة السليمانية على قطعتين إلى أربع شفرات كاملة، وهو أمر شائع في الشفرات الأوروبية من أواخر العصور الوسطى. غالبًا ما يتم إحضار الكاسكارا من أوروبا ويتم رؤيتها في المتاحف اليوم.
سيف الكار كسكارة
تحتوي شفرات الكار كاسكرة على قطعة واحدة واسعة فقط في منتصف الشفرة والتي تبدو أكثر سمكًا عند الرقبة وتصبح أقل وضوحًا عندما تتحرك نحو الطرف. غالبًا ما يتم العثور عليه في السيوف الإثيوبية.
سيف دوكيري كاسكارا (الدُكَّرِيْ أبو ضُبَّانْ)
يكون به مجرى قصير في وسط السيف، وبه ثلاثة علامات تسمى (ضُبَّانَة) و(نُقَّارَة) و(أَسَدْ). وقد ورد في قاموس اللهجة العامية في السودان أن كلمة دُكَّرِي هي وصف للسيف أو هو السيف. ومن ذلك قول الشاعر شَلَّاخُو سيف الدُكَّرِي، ولعلها من السيف الذكر جمع ذكور، أو من دَكَّر في اللغة النوبية بمعنى دُمَّل أو جرح الجمع «دَكَاكِرْ.
سيف أيرَاب نَفِيْب
هذا النوع من السيوف به ثلاث مجاري اثنين جانبيين يقفان على بعد شبر من المقبض، والمجرى الثالث في الوسط يقف عند منتصف السيف. وكلمة نفيب تعني أبيض في اللغة التبداوية عند البجا، أي أن هذا السيف هو سيف أبيض.
سيف هَبَّاشَي
هذا النوع يكون به مجرى كبير بالوسط، ولكن هذا المجرى لا يمتد حتى نهاية السيف بل ينتهي على بعد شبر من مقبض السيف، وفي داخل هذا المجرى نجد العديد من النقوش الزخرفية.
الشكل و المواصفات
نصل سيف الكسكارا الأفريقي مستقيم وذو حدين، أي أنه حاد من كل جانب. عادة ما تكون حواف الشفرة متوازية حتى نهاية الطرف، لكن في بعض الأحيان يمكن أن تبدأ في التناقص عند النصف الثاني من الشفرة. يبلغ طول النصل المعتاد لسيف كاسكارا حوالي 27 إلى 35 بوصة (70 إلى 90 سم).
يمكن أن تكون مصنوعة من الحديد، لكن معظم السيوف الموجودة مصنوعة من الفولاذ. يتم تصنيع بعضها محليًا، بينما يمكن استيراد بعض الشفرات من قبل الشركات المصنعة الأوروبية، خاصة أثناء بداية الاستعمار. تتميز معظم شفرات كاسكارا بوجود مفردة وواسعة، بينما في حالات نادرة، توجد ثلاثة أخاديد أصغر، كما يظهر في سيف إسبادا أنشا.
وفي حالة استيرادها، فإن بعض شفرات الكسكارا ستحمل علامات تصنيع أوروبية. ومع ذلك، يمكن أن يكون لدى بعضها تصميمات زخرفية وتتميز بنقوش إسلامية عربية أو رموز أفريقية تقليدية للسلطة والازدهار.
الواقى
تحتوي سيوف كاسكارا على واقي متقاطع معدني يشبه الشكل الصليبي، وهو تصميم أوروبي نموذجي للشفرة. ريشتان مستقيمتان وتمتدان من الحارس إلى كل جانب. الميزة الأكثر لفتًا للانتباه في واقي Kaskara هي الحبة المفردة أو المزدوجة التي تأتي على الشفرة نفسها. على الرغم من أنه تم تصنيعه لأسباب جمالية، فإنه يستخدم للحماية، ويوفر قبضة أكثر تنوعًا، ويعمل بمثابة أداة التقاط للشفرات.
منذ حوالي 150 عامًا، دفع هذا التصميم الناس إلى الاعتقاد بأن السيف هو سيف فرسان أصلي أو سيف صليبي. على الرغم من أن هذا غير صحيح، إلا أنه لا تزال هناك بعض الحالات التي يتم فيها تسويق الكسكارة على هذا النحو على الإنترنت. هذا المصطلح التسويقي غير صحيح لأن العديد من المحاربين الإسلاميين قاتلوا الصليبيين بسيوف متقاطعة، وهي حقيقة غير معروفة جيدًا اليوم.
القبضة
تحتوي سيوف كاسكارا على مقبض مستقيم بيد واحدة عادة ما يكون مصنوعًا من الخشب المغلف بالجلد الذي يغطي شفرة التانغ الكاملة الموجودة تحتها. معظم مقابض الكاسكارا بسيطة ومستديرة ولا تتسع نحو الشفرة أو الحلق. الطول الأكثر شيوعًا للمقبض هو حوالي 6 بوصات (15 سم) وهو مثالي للاستخدام بيد واحدة أو بيدين.
وفي بعض الحالات، يكون المقبض مزخرفًا بشكل كبير، خاصة بالنسبة للسيوف الخاصة بالنبلاء أو أصحاب الرتبة. يمكن تغليف هذه المقابض بجلود التمساح أو السحلية والفضة والمعادن الثمينة.
الخلاصة
سيف كاسكارا السودانى هو سيف أفريقي خاص يتميز بخصائص فريدة في العصور الوسطى والسيوف العربية الشرقية. يمكن تقسيمه إلى ثلاث فئات بناءً على نوع الفولاذ المستورد وعدد القصار الذي يحتوي عليه. يستخدم بشكل أساسي للاختراق والتقطيع والقطع، ويمكن استخدامه أيضًا للدفع. في السودان، ارتبط السيف بالرقص الشعبي واستخدم في رقصات معينة مثل "العرضة" ورقصة السيف.