لماذا يجب على المرضى المصريين أن يهتموا بقانون المسؤولية الطبية الجديد في مصر!
Table of Content
إن قانون المسؤولية الطبية المقترح مؤخرا في مصر يسبب موجات صدمة في مجتمع الرعاية الصحية. ويهدف التشريع إلى تجريم ليس فقط الأخطاء الطبية ولكن أيضا المضاعفات - وهي خطوة تسيء فهم طبيعة الرعاية الصحية بشكل أساسي.
وبينما قد يبدو أن هذا القانون يستهدف الأطباء بشكل أساسي، فإن المرضى معرضون لخسارة أكثر بكثير مما يدركون.
من الواضح بشكل مؤلم أن المشرعين القانونين لهذا القانون ليس لديهم أدنى فكرة عن كيفية التمييز بين الخطأ الطبي والإهمال الطبي والمضاعفات. ويبدو الأمر بالنسبة لهم مجرد كتلة كبيرة من الفوضى التي تتشكل من "خطأ الطبيب".
قانون يعيد تعريف العلاقات الصحية بشكل معاكس
يفرض التشريع المقترح عقوبات شديدة، بما في ذلك السجن، على الأطباء المتورطين في حالات المضاعفات.
المضاعفات الصحية هي جزء لا يتجزأ من الطب، وخاصة في التخصصات عالية الخطورة مثل أمراض النساء والجراحة وإدارة الأمراض المزمنة.
قد يؤدي هذا الفهم الخاطئ إلى إلحاق ضرر لا يمكن إصلاحه بالعلاقة بين الطبيب والمريض. وإليك السبب:
- طوفان من الطب الدفاعي: سوف يعطي الأطباء الأولوية لحماية أنفسهم على رعاية المرضى. توقع سيلًا من الاختبارات التشخيصية غير الضرورية والإحالات والإجراءات لتجنب العواقب القانونية. لن يؤدي هذا إلى إجهاد تكاليف الرعاية الصحية فحسب، بل سيعرض المرضى أيضًا لمخاطر غير ضرورية. اقرأ مقالتنا هنا: الطب الدفاعي: لماذا هو مهم
- تآكل الثقة: سيبدأ المرضى في النظر إلى الأطباء كخصوم وليس كحلفاء.
- الخوف من التقاضي من شأنه أن يؤدي إلى خلق بيئة سامة حيث يتم استبدال المناقشات المفتوحة والتعاونية بتفاعلات حذرة للغاية.
بعض السيناريوهات الواقعية حيث يفشل القانون
لفهم التأثير على المرضى، ضع في اعتبارك هذه الحالات المعقدة عالية الخطورة:
1- إدارة القدم السكرية:
يحتاج العديد من مرضى القدم السكرية إلى البتر لمنع العدوى المهددة للحياة.
ومع ذلك، فإن الخوف من المضاعفات التي قد يتم تفسيرها بشكل خاطئ على أنها إهمال قد يدفع الأطباء إلى تأخير العمليات الجراحية الضرورية.
والنتيجة؟ قد يواجه المرضى تسمم الدم أو حتى الموت.
2- حالات الحمل عالية الخطورة:
أرسلت مريضة نداء استغاثة على الفيسبوك بشأن حالتها المعقدة بعد رفض الأطباء قبولها!
إن المضاعفات مثل تسمم الحمل أو تمزق الرحم لا يمكن التنبؤ بها، حتى مع أفضل رعاية. وقد يردع القانون الجديد الأطباء عن التعامل مع مثل هذه الحالات، مما يدفع المرضى إلى مقدمي خدمات غير مؤهلين أو ولادة منزلية غير آمنة.
3- علاج السرطان:
يصف أطباء الأورام في كثير من الأحيان علاجات عدوانية لها آثار جانبية لا يمكن تجنبها.
وبموجب هذا القانون، قد يترددون، خوفًا من اتخاذ إجراءات قانونية بشأن النتائج السلبية، مما يؤدي إلى تأخير العلاج أو عدم كفايته.
سيواجه المرضى العواقب وحدهم
في حين أنه من المغري أن ننظر إلى هذا القانون باعتباره آلية لمحاسبة الأطباء، فإن الواقع هو أن المرضى سيتحملون وطأة عواقبه غير المقصودة. وإليك ما يمكن للمرضى أن يتوقعوه:
- الوصول المحدود إلى الرعاية: سيتجنب المتخصصون الحالات عالية الخطورة، مما يترك المرضى مع خيارات أقل.
- ارتفاع التكاليف بشكل كبير: ستؤدي ممارسات الطب الدفاعي إلى زيادة النفقات للمرضى ونظام الرعاية الصحية.
- التأخير في العلاج: ستخلق المحاكم والأنظمة القانونية المثقلة بالأعباء اختناقات، مما يؤدي إلى تأخير الإجراءات الطبية الحيوية.
كيف ينبغي للأطباء أن يستجيبوا؟
يواجه الأطباء معضلة أخلاقية ومهنية. في حين سيتكيف العديد منهم من خلال ممارسة الطب الدفاعي، قد يختار آخرون:
- تثقيف و تعليم المرضى: يجب على الأطباء أن يشرحوا بشفافية مخاطر المضاعفات مقابل الإهمال، وتعزيز فهم أفضل للواقع الطبي.
الدعوة إلى الإصلاح: يجب على المجتمع الطبي الضغط ضد هذا القانون، وتسليط الضوء على إمكاناته في الإضرار بالأطباء والمرضى.
- التوثيق على نطاق واسع: سيصبح التوثيق الدقيق أفضل دفاع للطبيب ضد ادعاءات الإهمال الطبي التافهة.
ماذا يعني هذا بالنسبة للنظام القانوني في مصر
إن النظام القضائي غير مستعد لطوفان دعاوى الإهمال الطبي التي سيولدها هذا القانون.
وسوف يتم تحويل الموارد إلى التقاضي في القضايا التي تعتمد على سوء فهم الممارسة الطبية. وبدلاً من تحقيق العدالة، فإن النظام يخاطر بالغرق.
لماذا يجب على المرضى أن يهتموا - بعمق
يمثل هذا القانون نقطة تحول في الرعاية الصحية المصرية. وقد يجد المرضى الذين يتجاهلون تداعياته أنفسهم:
يكافحون من أجل تأمين رعاية طبية فعالة في الوقت المناسب.
يواجهون تكاليف رعاية صحية باهظة بسبب الاختبارات والإجراءات غير الضرورية.
غير قادرين على الثقة في الأطباء الذين يهتمون بالعواقب القانونية أكثر من اهتمامهم برفاهية المرضى.
نظرة قاتمة لمستقبل مظلم و باهت
ما لم تتم إعادة النظر في هذا القانون، يمكن للمرضى أن يتوقعوا:
- هجرة الكوادر الطبية: قد يغادر أفضل الأطباء مصر بحثًا عن بيئات أكثر أمانًا لممارسة المهنة.
- تدهور الرعاية: ستصبح الرعاية الصحية بيروقراطية وغير شخصية، حيث يركز الأطباء على حماية أنفسهم بدلاً من العلاج.
الخلاصة: الدعوة إلى العمل الجماعي
يجب على المصريين أن يدركوا أن هذا القانون يؤثر على الجميع. يحتاج المرضى والأطباء وصناع السياسات إلى الانخراط في حوار هادف لإنشاء إطار عادل ومتوازن للمسؤولية الطبية. وإلا فإن مصر تخاطر بتقويض نظام الرعاية الصحية لديها، وتحويل كل زيارة إلى المستشفى إلى حقل ألغام قانوني.
Hazem Abbas
