من غرفة العمليات إلى غرفة الحبس: حكايات أطباء مصر المأساوية!
Table of Content
في جمهورية الموز، حيث الطبابة والعدالة يتبادلان الأدوار، تبدأ القصة بسيناريو يصلح لفيلم من أفلام يوسف معاطي، لكن بدون كوميديا. زوج قرر إن "الشرف" لازم يتغسل بدم مراته، فطعنها عدة طعنات في الصدر والبطن (مشهد درامي متكامل). دخلت المستشفى، قضت يومين في الرعاية المركزة، ثم توفاها الله. حتى هنا الأمور تبدو كأنها مأساة عائلية عادية في مصر، ولكن اللحظة العظيمة كانت بعد ذلك: النيابة قررت القبض على أطباء المستشفى!
نعم، الأطباء. لماذا؟ لأنهم كانوا مشغولين بإنقاذ حياتهم بدلًا من "التركيز على إنقاذ المريضة". الدفاع عن النفس أصبح جريمة، وبقدرة قادر، الأطباء تحولوا إلى "متهمين". النتيجة؟ حبسهم ودفع كفالة 20 ألف جنيه لكل طبيب.
المشهد في تعليقات الخبر كان أكثر كوميدية، عندما تساءل أحد المعلقين بغباء: "ليه الكفالة 20 ألف؟ ده منهم طبيب مقيم، يعني موظف بياخد المرتب بالكاد يكفيه سندويتشات". الرد كان أشد واقعية من السيناريو نفسه: "يا أستاذ، الطبيب يدوبك معتمد على راتبه. لا عنده شغل خاص ولا عيادة، ومع ذلك اتسجن عشان اتصرف دفاعًا عن حياته!"
الطب الدفاعي: الطريق إلى الهاوية
المشهد لا ينتهي عند الطعنات والدم، بل يمتد إلى نظام طبي يجرّم "رد الفعل الطبيعي" للأطباء. أصبحت المستشفيات ساحات معارك، والأطباء الجنود العزل. بدلًا من إنقاذ المرضى، يُجبر الأطباء على ممارسة ما يُعرف بـ"الطب الدفاعي" – وهو أن يحمي الطبيب نفسه قانونيًا بدلًا من حماية المريض.
لماذا؟ لأن أي خطأ طبي، مهما كان بسيطًا أو نتيجة ظرف استثنائي، يمكن أن يُحوّل الطبيب إلى متهم. وفي دولة مثل مصر، حيث تُدار الأمور بعقلية "امشي جنب الحيط"، الأطباء لا يملكون رفاهية الخطأ.
لمزيد من التفاصيل عن الطب الدفاعي ومخاطره في مصر:
القوانين والمرضى... عندما ينقلب السحر على الساحر
إذا كنت طبيبًا في مصر، فاعلم أن أي تعاطف زائد مع مريض قد يكلفك كل شيء: رخصتك، أمانك، بل وحياتك نفسها. القوانين في مصر تحوّلت إلى شِباك تُصطاد بها الأخطاء، بدلًا من أن تحمي الأطباء. الغريب أن هذه الحكاية وصلت إلى بعض الأخبار الأجنبية، وبدلًا من أن تكون دليلًا على "تطور" القطاع الطبي، أصبحت قصة عن فشل مزدوج للطب والقانون في مصر.
يمكنك معرفة المزيد عن القوانين التي تُفاقم من أزمات الأطباء والمرضى في مصر هنا:
الخلاصة
عزيزي القارئ، إذا كنت تفكر في دخول كلية الطب، فكر مرتين. قد تجد نفسك في يوم من الأيام متهمًا لأنك حاولت إنقاذ مريض أو حتى حماية نفسك. وفي بلد يتحوّل فيه الضحية إلى جاني، والقاتل إلى "صاحب ظروف"، لا يسعنا سوى أن نقول: "رحم الله أطباء مصر"... حقًا، دفاعًا عن النفس أصبح جريمة!